لماذا نقرأ ؟

لكل من لا يحب القراءة ويمقتها، تفضل لعلك تجد ما يقنعك

٢٢ رمضان ١٤٤٦ هـ

التنمية ذاتية

هل نقرأ لنتباهى؟ لنُدرج عدد الكتب في سيرتنا الذاتية ؟ أم نقرأ لنفهم، لنتغيّر، لنوسع مداركنا وآفاقنا ومعارفنا ؟

القراءة لم تكن يومًا رفاهية، ولا بصيحةٍ من صيحات الموضة الوقتية. القراءة هي امتداد لحيواتٍ كثيرة لا يمكننا عيشها بمحدودية عمرنا القصير نحن البشر، لقاءٌ بعقولٍ لم ولن نستطيع مقابلتها طوال الدهر، وتجارب ليس بمقدرتنا أن نخوضها ونمر فيها.

أنا أؤمن أن الإنسان الذي لا يقرأ، مهما كانت مهاراته يبقى محدوداً. لأن القراءة توسّع رؤيتك، تصقل تفكيرك، وتمنحك نظرة تعلمك رؤية الأمور من زوايا ما كانت لتخطر لك. القراءة يا عزيزي ليست حكراً على المثقفين والعارفين، القراءة نمط حياة وأسلوبٌ جديدٌ للتفكير، تنمي قدرتك على التركيز والصبر ويعتبرها العديد من الناس مساراً لتفريغ الضغوط.

الإنسان كالوعاء الفارغ، إما أن يملأ نفسه بنفسه بما يسره أو أن يملأه الناس من حوله بما قد لا يسره. والسبيل لملء وعائك بما يسرك هو الخروج من إطار الحياة التي تعيشها والبحث عن المعارف الموسعة في هذا الكون الشاسع، وهذا ماكان عليه أجدادنا عندما يرتحلون من دارٍ لأخرى بغية طلب العلم وتوسيع المدارك. ولكن أما الان وفي زمن التطور التقني المهول أصبحت المعارف على بعد "ضغطة زر" أو "مشوار نصف ساعة لأحد المكاتب المنتشرة" أفلا نتفكر في الأمر قليلاً ؟

كثيرٌ من الناس يقولون: "القراءة لم تخلق لي" أو "القراءة أمرٌ لا أقدر عليه" والبعض الآخر يراها مملة. وبنظرتي المتواضعة للأمر أرى أن هؤلاء إما أنهم يوفرون على زنفسهم عناء ومشقة التجربة وهذا النوع يصعب إقناعه، والبعض الآخر جرب وحاول ولكنه للأسف اختار المسار الخاطئ ليبدأ به، فتجده ذهب للكتب الفلسفية والعلمية العميقة التي تحتاج من أعتى القراء صبراً وجلداً لفهم وسبر أغرازها وإنهاء قرائتها، وهذا النوع يمكننا تغيير نظرته من خلال الترقي درجةً بدرجة في سلم التعقيد القرائي، فبدلاً من الكتب المعقدة والعميقة من الأفضل البدء بالكتب الصغيرة والبسيطة في طرحها ولغتها مثل الروايات والكتب القصيرة أو أي كتاب أخر ذو طرح مبسط، أو حتى البدء ببعض المقالات الشيقة ذات الرسالة الواضحة "أنصح بمقالات ثمانية".

هذه الطريقة جربتها مع عددٍ من الأصدقاء الذين كانو يظنون أنهم والقراءة خطان متوازيان لا يلتقيان والان يسيرون في طرق العلم ينهلون منها ما يقدرون عليه وبعضهم اليوم أدمن القراءة بصورةٍ تفوق بها علي ولله الحمد.

الدرس باختصار: القراءة ليست هواية… هي أداة بقاء وتطوّر. وكل سطر تقراه، هو درجة تصعدها في سلم المعرفة والنجاح.