المعنى
لماذا أصبحنا نتحرك بسرعة، ونمل بسرعة، ونفقد تركيزنا حتى قبل أن نبدأ؟ مالذي جعل الانتظار صفةً سلبية؟ وأن يصبح الهدوء نقيصة؟ ولماذا نعيش كأن كل شيء يجب أن يتم الآن والآن فقط ؟، ودون لحظة تأمّل؟
١ رمضان ١٤٤٦ هـ

لماذا أصبحنا نتحرك بسرعة، ونمل بسرعة، ونفقد تركيزنا حتى قبل أن نبدأ؟ مالذي جعل الانتظار صفةً سلبية؟ وأن يصبح الهدوء نقيصة؟ ولماذا نعيش كأن كل شيء يجب أن يتم الآن والآن فقط ؟، ودون لحظة تأمّل ؟
أكتب هذا المقال بعد نقاشٍ فلسفي طويل في إحدى جلسات مناقشة الكتب في "كشك الكتب" مع الزملاء الأعزاء، تحدثنا عن رحلة الإنسان في البحث عن المعنى، وعن أننا نعيش اليوم في أقصى مراحل التجريد للقيمة البشرية والمشاعر الإنسانية، وأحببت أن أسقط هذا النقاش على عالمي المهني "عالم الأعمال".
سأستهل حديثي بأحد المفاهيم التي أؤمن بها: الركض في مساعي الحياة لا يعني حتمية الوصول، لكن حتماً التباطؤ والتأمل يعني حتمية المعنى.
لا أتحدث لأُنظر وأتفلسف، بل لأربي نفسي وأعلمها، فأنا شخصيًا كنت من جمهور السرعة. أبدأ بحماس، أتحمّس للفكرة، أخطط، أرتّب… وبعد أسبوع أتركها. لماذا يا أنا ؟ أبحث عن السرعة في النتائج والشعور المباشر للتغيير والإنجاز من أول محاولة.
إن الله إذا حكم على عبده بالهلاك تركه لنفسه فهي كفيلةٌ بأن تهلكه
النفس البشرية ياعزيزي تميل للعجلة وإن تركنا أنفسنا لأنفسنا فالهلاك حتمي، علينا بتحكيم العقل لا شهوة النفس وشبقها بالنتائج والسرعة الجنونية، فعصرنا هذا لا يرحم، تدخل مواقع التواصل الاجتماعي فترى هذا وذاك يتباهون بما لديهم من نعم تزيد على ما لديك، وتنسى أنك منعمٌ من رأسك إلى أخمص قدميك يا إنسان هذا العصر الحديث وتمتلك مالم يمتلكه ملوك الأرض في الزمن الغابر.
اللهم لا تجعلنا ناكرين لنعمك، وألهمنا على الدوام أن نشكرها ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين
الحل من وجهة نظري المتواضعة تكمن في الشكر والتأمل، والتأمل لا يأتي إلا بالتباطؤ والتوقف قليلاً في خضم هذه الحياة المتسارعة للتأمل والنظر إلى التفاصيل الصغيرة، تباطئ في مشيك وتأمل، تباطئ في قيادتك وتأمل، تباطئ ف تناول طعامك وتأمل، تباطئ في عملك وتأمل، اجلس متفرغاً متخففاً من أي حملٍ من أحمال الحياة وتأمل في النعم من حولك
إن الإنسان لربه لكنود
الدرس باختصار: عاند نفسك واحكمها لتنجح، لا أن تحكمك هي فتهلك.