كيف تتخلى عن جنون العظمة… وتسند؟

كفانا هزلاً ! لن تكون بطلاً خارقاً عندما تقوم بكل شيء لوحدك

١٦ شعبان ١٤٤٦ هـ

ريادة الأعمال

من أوهمنا أن القائد الحقيقي يعمل لوحده؟ من قال إن العظمة تعني أن تُشل قدرات المنظمة إذا لم يتواجد قائدها؟

في سبر أغوار القيادة اليوم نسير، متأملين حول الفروقات الشاسعة بين القائد والمدير، وأناقش قناعةً من قناعاتي الشخصية التي لم ولن تتبدل مر الزمان أم ثبت "المدراء يصنعون شركاتٍ جيد ولكنهم لا يرتقون بها لتصبح عظيمة، القادة من يفعلون ذلك".

لنتفق أن الفكر السائد اليوم في عصرنا المليء بالسطحية والسعي خلف القشور، يظن كثير من روّاد الأعمال والإداريين، أن النجاح العظيم يتمثل في السطوة والسلطة "عقدة السيطرة". كل فعلٍ يجبُ أن يكون هو فاعله. وكل من يعمل معه يجب أن يكونو في خانة التابع.

الحقيقة ياعزيزي الباحث عن ذاتك بين خبايا السطوة - لا أقصدك عزيزي القارئ حاشى لك ذلك - بأن السطوة ستقودك لمزيدٍ من الخواء ومزيدٍ من الفشل، فلا كيان في هذه الحياة ينجح بالإدارة المطلقة حسُن تطبيقها أو ساء.

الإدارة وكما ذكرت مسبقاً تبني شركاتٍ جيدة ولنها لا تبني شركات عظيمة، القادة من يبنون شركاتٍ عظيمة، القادة يتحلون بالمسؤولية ويضعون الإنسان أولاً، يجعلون كل من في الفريق أشخاصاً فاعلين ذوي أثر وجزءاً لا يتجزء من رؤية واضحة.

القادة ذوو رؤية وغاية ومبادئ، ذوي بصيرة ينظرون بها إلى الأمور بشمولية وعمق أبعد مما ينظر له المدراء. القادة لا يطبقون القانون، هم يعملون بروح القانون وليس القانون بحد ذاته. القادة يكسرون الأنماط ويوسعون الأفاق ويعطون من معهم مساحاتٍ من المسؤولية.

المدراء يا عزيزي معاكسون للقادة في كل شي:

المدير

القائد

يقوض المساحات ويضيقها ليقلل المخاطر

يتيح المساحة للإبداع والابتكار

يطبق القانون بلا هوادة

يطبق روح القانون ويمنح الفرص

يحتاج إلى سلطة ليدير

يعتمد على نهج القيادة بالتأثير

يصنع الأنظمة ويعتبر الأشخاص أدوات تنفيذ

يصنع الفرص وينزل الأشخاص منازلهم

يعمل على تحقيق الأهداف بأي ثمن

صاحب رؤية وغايات

لا ينظر أبعد من المكان الذي يقف فيه اليوم

ذو فكر استراتيجي يعمل لينجح على المدى البعيد

يجعل العمل يتمحور حوله ويتدخل في صغائر الأمور وكبائرها

يسند ويمنح المسؤولية والاستقلالية

تذكر عزيزي المدير زن الشركات العظيمة لا تبنى على بطلٍ واحد تلمع صورته. بل هي مبنية على فريق يعمل ويؤمن بمسؤوليته حتى وإن غاب الرقيب، وهذا ما يعنيه مفهوم الشركات ذات الإدارة الذاتية، الشركات التي يدير فيها الموظف نفسه بنفسه وفقاً للرؤية والقيم والأهداف الذي يضعها القائد، الشركات التي لا تحتاج للإدارة التفصيلية المقيتة لأن كل موظفٍ فيها يعرف دوره جيداً ويشعر بأثره والتقدير لما يفعل.

القيادة لا تأتي مع الموهبة والشغف والإبداع بل تأتي مع إعمال الفكر والعقل، فقد يكون هناك الكثير من الموهوبين ذوي الشغف ويحملون طاقةً عالية تحركهم نحو الرنجاز ولكنهم لا يجيدون القيادة، فالقيادة فكر وعقلية لا يكتسبها إلا من يوسع مداركه وآفاقه باستمرار.

القيادة بعيدة كل البُعد عن التفاصيل، القيادة تبني جوهراً وثقافة، لكن الإدارة تعني التواجد دوماً في مساحة الطوارئ وإطفاء الحرائق اليومية والانشغال بمشاكلنا عن مستهدفاتنا، القيادة تمكن وتبني منظومة تعمل دون تواجد القائد، والإدارة تبني نظاماً يسقط مع أول هزة ومع غياب المدير.فكّر في شركات ذات إدارة ذاتية. كل

إذا طبقت مفاهيم القيادة ماذا ستكون النتيجة ؟

  • إنتاجية أعلى.

  • معنويات أقوى.

  • تطوّر أسرع.

  • ولاء أكبر.

أما إذا عملت بعقلية المدير المركزية ؟ تدخل في كل شاردة وواردة ؟ يقتل الإبداع في مهده. وينطفأ الحماس. ولا ثقة يشعر بها الموظف مما يحول بينك وبين ولائه.

الدرس باختصار: القائد الحقيقي… يسند، ولا يسعى لأن يكون محور الكون. لأن أعظم اختبار لنجاحك، هو أن يستمر العمل دون حضورك.