كيف تتمركز في قطاع الخدمات المتكاملة؟
من قال أن التخصص يعني التضييق؟ ومن أوهمنا أن التنوع يجب أن يكون عشوائي؟
١٧ محرم ١٤٤٧ هـ
•
دستور العلامة التجارية

من قال أن التخصص يعني التضييق؟ ومن أوهمنا أن التنوع يجب أن يكون عشوائي؟
هذا المقال ليس عن كثرة الخدمات ولا أسعارها ولا معدلات الربح فيها… بل عن دقتها. عن كيف تبني لنفسك مكاناً لا ينافسك فيه إلا القليل. ففي عالم الأعمال ستجد شركاتٍ تقدم كل شيءٍ لكلِ أحد، لكنها تخرج من كل شيء بلا شيء. وهناك شركات تطرح الأسألة المناسبة لتعرف بالضبط أين هي ولمن هي ولماذا وُجدت.
ما هو التمركز ؟
التمركز ليس جملة تكتب لتعلق، التمركز هو قرارٌ استراتيجي ينفذ بالتعاون بين كل أفراد المنظومة، التمركز جزء هام من هوية تبنى بالصبر والتعلم من الأخطاء.
بهدف التبسيط والاختصار، التمركز هو السياق الذي نضع فيه أنفسنا أو منتجاتنا لنسهل فهم العميل لنا ولها، فالبشر ميالون لتفسير الأمور وفق تجاربهم الشخصية وهذه هي طبيعة العقل البشري الذي يصنف كل شيء إلى أمورٍ مألوفة، أما مالم يستطع تفسيره وتصنيفه فلن يكون ذا قيمة تستحق ولن يستثمر العقل وقتاً وجهداً لفهمه. لذلك فإننا نستطيع تقسيم التمركز إلى نوعين أساسيين وأنواع فرعية أخرى لن نذكرها في هذا المقال: (التمركز الأفقي - التمركز العمودي)
التمركز الأفقي يعني أن تقدم خدمة واحدة لقطاعات متعددة. كشركة حبار -على سبيل المثال لا الحصر- التي تكتب محتوى لكل الصناعات والقطاعات. أما التمركز العمودي فهو تقدم خدمات متعددة، لقطاع واحد. مثل وكالة تسويقية تخدم قطاع المستشفيات أو قطاع النفط والغاز فقط.
لماذا التمركز؟
السوق في تغير مستمر منذ نشأة التقنية وتطورها. والعميل أصبح ذكياً واعياً بمجريات الأمور وتتنافس على انتباهه ووقته الشركات بمختلف أحجامها، مما أثر على طريقة انتقائه لما ينفق وقته وجهده الذهني عليه، وأصبح لا يبالي بالإعلانات لأنها إعلانات! بل أصبح يبحث عن ما يبهه ويمكنه قياس قيمته على ذاته وحياته بأسرع وقتٍ ومجهودٍ ذهنيٍ ممكن. العميل اليوم يبحث عن من يتحدق لغته ويفهم مصطلحاته ويشعُر بمشاكله وما يسبب له انزعاجاً وألماً وليس عمن يقدم كل شيء وأي شيء.
رأي شخصي:
بالنسبة لي وعلى المستوى الشخصي أنا أفضل التمركز العمودي. تخيل أن تعمل مع نفس القطاع لسنين… ستصبح أفضل من يفهم مشاكلهم ويوجههم . وهنا تحصل المعجزة وتحجز خانة التميّز في أذهان عملائك.
لكن التمركز الأفقي؟ يحتاج إلى جهد كبير بكل صراحة، ويشتتك أكثر وصحيح أنه سيجعلك جيد بأشياء كثيرة، لكن ما لن يجعلك عظيماً بأي شيء، ولذلك وحتى تعالج هذه المشكلة تحتاج جهد وموارد وشراكات ضخمة.
خذ بعض المجموعات مثل مجموعتي فوج ووهج. كل مجموعة فيها شركات تقدم خدمات مختلفة، لكن كل واحدةٍ منها تختصة بجزئية محددة (تمركز أفقي). والهدف من ذلك تكوين تحالفات مرنة، تغطي السوق دون خسارة ميزة التموضع.
ولعلك الآن تسأل: ما هي الفائدة الحقيقية من التمركز ؟
إجابتي لك هي: التمركز يساعد العميل على فهم القيمة التي تقدمها بشكلٍ أكبر، وبالتالي تقدير هذه القيمة واحترامها وهذا يفيدك في عددٍ من التفاصيل كإعطائك قدرة على رفع سعرك بثقة، نتيجةً لثقة العميل بقدرتك على حل مشكتله.
أيضاً يعطيك التموضع سهولة في فهم نفسك ومنتجك وفي فهم عميلك، مما يمكنك من القول بكل ثقة: "هذا أنا، وهذا مجالي، أنا أفهمك وأشعر بك وأمتلك القدرة على علاج مشاكلك بسهولة".
أبسط مثال على التمركز: لو كنت - لا قدر الله - تعاني من مشكلة صحية في العيون، هل ستذهب لطبيب عام وتدفع له ١٠٠ ريال لتدخل عنده ؟ أم أنك ستذهب لاستشاري عيون وتدفع له ١٠٠٠ ريال لتدخل عنده ؟ بالتأكيد ستختار الاستشاري لأنه متخصص في المشكلة التي تعاني منها ومرت عليه العديد من الأنماط التي مكنته من تكوين خبرة في مجال واحد ودقيق.
سؤال آخر: هل ستذهب لمستشفى عادي أم لمستشفى العيون التخصصي ؟
الدرس باختصار:
التمركز وبالرغم من أنه يعني تضييق دائرة الأشخاص الذين ستخدمهم وذلك قد يبدو خسارة… إلا أنه يحرّرك. يساعدك على العمل بتركيز، وبناء علامة تجارية عميقة مما سيزيد من قيمة ما تقدم. "إذا كنت تعرف من ستخدم… السوق هو من سيأتي إليك وليس العكس".