من عبودية المدير المدير... إلى عبودية العميل
هل ترك الوظيفة والسعي وراء مشروع الأحلام هو السبيل الزوحد إلى الحرية ؟
٤ رجب ١٤٤٦ هـ
•
ريادة الأعمال

من قال أن ريادة الأعمال تعني التحرر؟ من نشر وهم "افتتح مشروعك الخاص وكن مدير نفسك" وكأن هذا الطريق يشبه طريق النزهة؟
كثيرٌ من الناس يحلمون يترك وظائفهم وافتتاح مشروع الأحلام، وعيش دور المدير الذي يعمل متى زراد وكيفما أراد. لكن ومع زولى صفعات الحياة التجارية عندما يجد نفسه في ماراثونٍ لا ينتهي لاتمام طلبات عملائه يكتشف أن الحرية التي كان يتخيلها… تبدلت بسلاسل من نوعٍ آخر، نوعٍ لا يرحم ولا يهدأ. ذاك الذي كان يطمح ليتحرر من قيود مديره في الوظيفة كانت صدمة عمره بأن مديره أصبح العميل. وأن حياة الحرية التي تخيلها كانت صعبة المنال. فالعميل يطلب في وقت غريب هو الأنسب له وليس لك، ويغير رأيه عشرات المرات، ويتدخل في كل تفصيلة. العميل يريد نتيجة سحرية، وبسعر رمزي.
في هذه اللحظة، تبدأ أمواج الخوف والشك تتلاط بمركب يقينه وأحلامه ذات اليمين وذات الشمال، ويبدأ يطرح سؤالاً تلو الآخر: ماذا فعلت بنفسي ؟ كنت مرتاحاً أكثر وأنا موظف ! ليتني أعود موظفاً مرة أخرى.
ريادة الأعمال يا عزيزي ليست تخففاً من الأحمال التي تظن أنك تحملها على عاتقك في الوظيفة. بل هي ثقل من نوعٍ آخر. هي مسؤولية، قرارات، صبر، وحلول لا تنتهي. وبدل من أن تكون في ظل مديرٍ واحدٍ أنتَ مسؤولٌ أمامه… تصبح في لحظة مسؤولاً أمام عشربل مئات وآلاف العملاء وتعيش في ظلهم إلى أن يشاء الله.
ولكن لأطمئنك… هناك فرق. الفرق أنك تمتلك حق الاختيار.تمتلك الحق في أن تختار عميلك، وتمتلك الحق في أن تختار مشروعك،وأن تختار متى تتوقف، ومتى تعيد التفكير. فتكون نقطة التحول الأهم يوم تبدأ ببناء ثقافة عمل ونظامٍ يعملُ دون أن تكون أنت في قلب كل تفصيلة. يوم تبدأ الإسناد، وتثق بقدرات من معك، وتبني فريقاً تحركه المسؤولية وليس الخوف من السطوة.
هنا تبدأ تبدأ الخروج من العبودية، وتتحول إلى قائدٍ يصنع الإلهام.
الدرس باختصار: إذا تركت وظيفتك للهرب من عبودية المدير… تأكد أن لن تقحم نفسك في عبودية جديدة عند العميل. ريادة الأعمال إلتزام، وقد تصل للحرية، لكن فقط… إذا استطعت بناء نظامٍ يحترم وقتك، ويخدم طموحك.